ضـاقت بي الدنيـا .. وضـاقت بي دروب الحيـاة .. فـ زادت عراقيـلها .. وساءت عواقـبها ..
خرجت من عـالمي .. لأنسـى آلامي .. فـ شربـت الخمر .. نعـم شربتـه لأنسى سريعـاً ..
ما أصابتـني بهِ عجـلة الزمـن .. التـي تدور وتدور وتدور .. فـ تـدهـسني وتدهـس كل مخلـوق..
ضعيف في هـذا الكـون .. نعم شربـت واختـرت أنا المكان والزمان .. لأشـرب بـهِ تلك الكؤوس ..
فـ المكان البحر والزمـان هو الفجر .. لأضمن وجـودي وحيـداً مع البـحر .. لـ يسمع ونيني هو ..
ولا يسـمع بهِ أحداً .. كنت أشرب مـرة .. وأبكي مـرة أخرى .. حتى شعـرت بالسكــر ..
ولـم أشعر بهمـومي شـيء .. ومع سويعـات الصبـاح الأولى .. سمعـت صوت بعيـد .. بعيد جـداً ..
تلفـت يميـناً ويسـاراً .. ولم أجد أحداً .. ركـزت بذلـك الصـوت .. لأعـرف مصدرهُ ولأجدهُ متعجبـاً ..
فـ من ينادي بي ماهو إلا ذلك البحـر .. فـ قلت .. مـاذا تريـد مني يابحـر ؟
قـال .. لما أنت جالس وحيـداً أمامي ؟
قـلت .. لأجـد راحتـي عندك وانسى ..
قـال .. تنسـى ماذا ؟ و أنت سكيـر لعين ..
قلت .. لاتشتـم .. والـذي أريد نسيـانه .. شيئاً .. أكبر مني ومنـك !
قـال .. ما هـذا الشيء الـذي يكبـرني وأنـا أمثل 70% من الأرض ؟
قـلت .. همي وجرحي وألمـي هـم من يكبـرونك وهم من يمثـلون 100% من هـذا الكون الـذي يجمعنا ..
قـال .. قـل لي ما بـك ؟ .. وفض فض لي فـ سأستمع لـك ..
فقلـت .. (متنـهداً).. جرحي هذا .. لا يجـد له علاج شـافي .. وألمـي سأبقى العمر كـله ..
أتـأذى منـهُ .. وسيبقـى همي كـله .. كيف أنسـى هذا كلـهُ ؟
قال ..(متعجبـاً)!! .. ماهـذا الجـرح الكبيـر الذي يملـؤك ؟
قلت .. جـرحي يابحر لو نثــرته في بحرك .. فـ سيملؤك كما ملأني .. جرحـي يابحر .. لا تفهمهُ أنت لا يفهمـه إلا البشـر ..
قـال .. لمـا لا أفهمـهُ ؟ .. وإذ لا أفهـم أنـا لمـا يقصدونـي البشـر ؟
قلـت .. جنـون يصيبـنا فـ نجري لك .. وإلا لما ..بشـر تفضفض لـ بحر .. ما لديه غير المد والجزر ..
قـال .. (هـائجـاً) فـ علا موجـه .. قائـلاُ .. أنت لا تعرفنـي ولا تعـرف ماهـي قيمتـي ؟
قلـت .. أعرفـك ولكن وجـودك كـ عدمك .. بالنسبـة لي ..
قـال .. (هائـجاً) مرة أخرى .. لمـا تجرح كـرامتي ؟ .. وتحـاول أن تداسـها بقولـك هذا وتصغيـرك لي ..
قلـت .. (متنـهداً) مـرة أخرى ..هـذا هو ألمي وجرحـي وهمي .. هي كرامتـي من أتت بي لـك مخموراً لكـي أنسـى ..
قـال .. الخمـر لن يفيـدك أبـداً سيقتـلك وسـيزيدك دماراً ..
قلـت .. ومن قـال لك إنـي لا أنتـظر المـوت .. إعلـم مجيـئي لك سكيـراً .. فقـط .. لأقدم على الإنتـحار بكِ..
قـال .. إعلم بحري قـد يأخذ من حياتك فقط .. ولـكن سيـرميك إلى الشاطئ مرة أخرى وسيبقى صيتك لدى
الناس صغيراً..
أنصحـك أن تعود إلى رشـدك وأن تجد لنفسـك حلاً لتعيـد بهـا كرامتـك .
قلـت .. (ضـاحكاً) .. كيف ستعيدنـي وأنـا سأغوص في أعماقك وأنهي نفسي بك ..
غارقاً .. ولن تستطيـع إعادتي ..
قـال .. إعلم سأعيـدك إلى رشدك قبل وصـول مائي إلى نصفـك وستصحو نادماً ..
قلـت .. (مستهزءاً) سأسكب مافي الكأس من خمر بك وسأجعلك تسكر وتسكر
وتنسانـي فـ تخر قواك فـ لا تستطيع إنتشالي منك ..
قـال .. مهما ستسكب بي .. فـ لن أسكر مثلكم .. عُد إلى رشدك أعِدْ إلى نفسـك كرامـتك ؟
قلـت .. (صـارخاً) ..سأرحل عنك ..لأنك ممل جداً .. سأرحل لأجد غيرك ويقتلـني
ويخلصني من نفسـي .. أنت معتوه .. معتوه جداً
قـال .. قد أكون معتـوهاً .. ولكن ليس أكثر منك .. يـاجبـان ..
هنـا .. بدأت أجد الدنيـا تلف بي وتدور .. وأنـا أسمع كلماته لي وتأنيبه لي .. وجـدت
نفسي خائر القوى ولا أشعر بنفسي ..
حتى صحـوت من سباتي مستشعراً حرارة أشعة الشمس .. ودفأ رمال
الشاطئ .. مستغرباً وجودي في هذا المكان .. حتى هـذا الوقت ..